أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة فض قوات الأمن وميليشيات مسلحة اعتصامات سلمية في عدة مدن عراقية، وقتل وإصابة واعتقال عشرات المتظاهرين.
كما ندّد المرصد بالتنكّر الواضح من الحكومة العراقية لوعودها بحماية المتظاهرين وعدم استخدام القوة ضدهم.
جاء ذلك في بيان صحفي أصدره يوم الثلاثاء المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف.
وأفاد البيان بقيام قوات من الأمن العراقي إلى جانب مجموعات من الميليشيات المسلحة بفضّ الاعتصام الرئيسي في ساحة التحرير في العاصمة بغداد يوم السبت الماضي 30 أكتوبر/تشرين الأول.
كما أفاد بقيامهم بتجريف خيام المعتصمين، واعتقال نحو 50 منهم.
وأوضح “الأورومتوسطي” أنّ فض الاعتصامات في مدن عراقية عدّة جاء بعد قمع تظاهرات بين يومي 25-27 أكتوبر/تشرين الأول.
وذكر أنّ القمع أسفر عن مقتل 4 متظاهرين وجرح العشرات برصاص القوات الأمنية والميليشيات المتعاونة معها.
ونقل فريق المرصد الحقوقي إفادة الناشط السياسي “عمار النعيمي” من بغداد حول قمع التظاهرات والاعتصامات.
وقال الناشط “النعيمي” إنّه “في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول وأثناء تواجدنا في ساحة التحرير تفاجأنا بدخول عناصر مسلحة من “سرايا السلام” التابعة للتيار الصدري”.
وذكر أنّ هذه العناصر طلبت من المتظاهرين إخلاء الساحة.
وتابع “ومنعًا لحدوث أي مشاكل، أخلينا ساحة التحرير، وتوجهنا إلى منطقة العلاوي حيث يتظاهر شبّان عاطلون عن العمل؛ للمطالبة بتوفير وظائف لهم”.
وأوضح أنّ المعتصمين مرّوا في طريق إلى العلاوي على 4 نقاط للتفتيش.
وأضاف “لدى وصولنا المنطقة، تفاجأنا بتحرّك عناصر الأمن لضرب المتظاهرين بشكل وحشي وتفريقهم ومن ثم إطلاق النار بشكل عشوائي”.
ولفت إلى أنّ ذلك تزامن مع نشر زعيم التيار الصدري تغريدة طالب فيها القوات الأمنية بـ”بسط الأمن وردع الوقحين من المخربين ومزعزعي الأمن”.
وقال الناشط السياسي إنّ القمع الوحشي نتج عنه إصابات خطيرة في صفوف المتظاهرين.
وذكر أنّ عمليات الكر والفر تواصلت بين المتظاهرين والقوات الأمنية حتى يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول.
وأفاد بوقوع 4 قتلى في صفوف المتظاهرين “2 عند جسر الجمهورية و2 في المنطقة الواقعة ما بين جسر السنك وساحة التحرير”.
وأوضح أنّ من بين القتلى “المسعف رضا حسين الخفاجي الذي قتل بطلق ناري يوم 26 أكتوبر/تشرين أول”.
وتابع النعيمي “لدى عودتنا لساحة التحرير تعرضنا لتهديدات كبيرة لمغادرة الساحة، وتواصلت الضغوط حتى يوم السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول”.
وقال إنّه في ذلك اليوم “اقتحمت قوات أمنية كبيرة بالتعاون مع ملثمين ينتمون إلى “سرايا السلام” وما يعرف بـ”القبعات الزرقاء” التابعين للتيار الصدري الساحة، وجرفت خيام المعتصمين ونهبت محتوياتها، واعتدت بالضرب على كل من رفض مغادرة المكان”.
وبحسب بيان المرصد الأورومتوسطي فإنّ عمليات فض الاعتصامات لم تقتصر على العاصمة بغداد.
ونقل فريق المرصد عن شهود عيان في مدينة البصرة جنوبي البلاد شهاداتهم بفضّ اعتصامات.
وأفاد الشهود باقتحام القوات الأمنية وعلى رأسها “فوج الطوارئ” عند الساعة الخامسة عصرًا من يوم الأحد الموافق 1 نوفمبر/تشرين الثاني ساحة التظاهرات “فلكة البحرية”.
وقالوا إنّ المقتحمين حرقوا معظم الخيام، ولاحقوا ولاحقت المتظاهرين حتى ساعات الفجر الأولى من اليوم التالي.
كما أفادوا باعتقال العشرات بشكل عشوائي.
وذكر “الأورومتوسطي” أنّه حصل على مقاطع فيديو توثّق الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون من جرفٍ للخيام وحرقها، ومطاردة المعتصمين.
كما وثّقت المقاطع إطلاق الرصاص الحي في البصرة وبغداد ولحظة مقتل المسعف “رضا حسين الخفاجي”.
ووفق متابعة المرصد فإنّ القوات العراقية لم تحسّن من سلوكها في التعامل مع التظاهرات الشعبية منذ انطلاقها في أكتوبر 2019.
وأكّد لجوأها “إلى العنف المفرط لفض هذه التظاهرات وإجهاض أي حراك شعبي”.
ولفت إلى “حجم الانتهاكات المروّعة التي ترافق عمليات قمع وتفريق الاحتجاجات”.
وعلّق المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنس جرجاوي على هذه التقارير.
وقال جرجاوي: “على ما يبدو فإنّ وعود رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بوقف قمع التظاهرات وحماية المتظاهرين ليس لها أي رصيد حقيقي على الأرض”.
وأرجع ذلك إلى عدم توقّف عمليات القمع “بل تصاعدت حدّتها مع عودة التجمعات إلى ساحات الاحتجاج في العراق”.
وأضاف “لم يمض وقت طويل على جريمة “الفرحاتية” التي ظهر جليًا فيها مدى جرأة الميليشيات المسلحة على أرواح المدنيين، لتعود تلك الميلشيات على خلاف توجهاتها بالتعدي مرة أخرى على أرواح المدنيين”.
واستدرك بالإشارة إلى أنّ الاعتداء هذه المرة كان “بالتعاون المباشر مع قوات الأمن”.
وتابع “إنّه حقًا واقع مؤسف يعكس عدم انضباط في المنظومة الأمنية لدى الحكومة العراقية”.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية بالتوقف الفوري عن ملاحقة المتظاهرين السلميين وفض اعتصاماتهم.
ودعا المرصد الحقوقي الدولي الحكومة العراقية إلى الاضطلاع بدورها في حماية المتظاهرين المدنيين.
كما طالب بوقف كافة أشكال الانتهاكات التي تمارسها القوات الأمنية والمليشيات المحسوبة على بعض الأطراف السياسية من قتل وقمع واعتقال وخطف وتهديد.
وحثّ الحكومة على فتح تحقيق فوري ومحايد، بما يضمن محاسبة كل من أمر بفض الاعتصامات واعتدى وأطلق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين.
اقرأ أيضًا |
إدانة حقوقية لإصدار السلطات العراقية مذكرة اعتقال بحق الصحفية سؤدد الصالحي
الرابط المختصر https://arabictrend.net/?p=9463