أخباررائج

الكتلة المحافظة في تركيا ركيزة من ركائز الانتخابات التركية.

تعتبر الكتلة المحافظة في تركيا، الشريحة المجتمعية الكبرى بين مختلف مكونات الشعب التركي، ومن يكسبها من الأطراف السياسية، من شأنه أن يحقّق تفوقاً كبيراً، في الانتخابات الرئاسية.

 

وتقدّر نسبة الكتلة المحافظة في تركيا بنحو 45 في المائة، وتسعى الحكومة التركية، وكذلك المعارضة، جاهدتين، إلى منح هذه الكتلة وعوداً من أجل حسم نتيجة الانتخابات لصالحها.

 

 

ويُحسب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استمرار تلقّيه الدعم من الكتلة المحافظة التي أوصلته وحزبه “العدالة والتنمية” إلى الحكم قبل 21 عاماً، وهو ما دفع رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو (مؤسس حزب “المستقبل” المتحالف اليوم مع المعارضة الرئيسية) للقول منذ أكثر من شهرين، إن “أردوغان لا يزال يتمتع بدعم كتلة المحافظين، ويجب انتزاعها منه، من أجل تحقيق تقدم أمامه في الانتخابات”.

 

أما لجهة مطالب الكتلة المحافظة، فشدّد أوغلو على أنها دائماً ترتبط في السياسة الخارجية بالابتعاد عن الغرب، وبأن يكون نهجها وطنياً، لافتاً إلى أن “الهجمة الإعلامية الغربية والخارجية على أردوغان تحسب لصالحه، إذ أنها تقربه من الكتلة المحافظة، وكذلك مشاريع الصناعات الدفاعية، وتعزيز التجارة، وتحدي الغرب، وتوحد العالم الإسلامي، والتقارب مع الشرق الأوسط، فهي أبرز المطالب الأخرى لهذه الكتلة”.

 

ورأى الأستاذ الجامعي أن “الواضح هو أن التحالف الجمهوري (تحالف أردوغان والعدالة والتنمية) هو القادر على التأثير أكثر في الكتلة المحافظة، وهناك ابتعاد عن تحالف الشعب من قبل هذه الكتلة، رغم أن هناك بالتأكيد أطراف من الكتلة قد تنتخب تحالف الشعب أو العكس، أي من صوت لتحالف الشعب في السابق قد يصوت في هذه الانتخابات للتحالف الجمهوري”.

 

أما بالنسبة للناخبين المحافظين الأكراد، فإن “90 في المائة منهم يصوتون لصالح الأحزاب الكردية، وخصوصاً حزب الشعوب الديمقراطي، ومن الصعب على التحالف الجمهوري انتزاع نسبة أصوات كبيرة من المحافظين الأكراد، رغم تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب هدى بار الكردي الإسلامي”، بحسب رأيه.

 

 

الكتلة المحافظة في تركيا تقدر بنحو 45 في المائة

 

ويُقصد بالتيار المحافظ في تركيا ، التيار الإسلامي المتدين والوطني. وفي حال احتساب الكتلة المحافظة المتدينة من الأكراد، ترتفع النسبة أكثر، إلا أن غالبية الناخبين الأكراد يصوتون للأحزاب القومية الكردية، وكان أردوغان قد تمكن خلال الدورات الانتخابية السابقة من الفوز بأصوات قلّة منهم.

 

ولعقود طويلة، بقي الصراع قائماً في تركيا بين القوى المحافظة والعلمانية، وحظيت القوى العلمانية، وخصوصاً حزب الشعب الجمهوري العلماني الكمالي، بدعم من الجيش التركي. ومع استمرار تفوق حزب “العدالة والتنمية” في الانتخابات والحكم منذ 2002، توجه الحزب الكمالي إلى الناخبين المحافظين عبر طرق عدة، منها الحديث عن مسيرة التسامح، وتعزيز حلّ مسألة الحجاب، والتحالف مع الأحزاب الإسلامية.

 

وعملت الانقلابات التي شهدتها تركيا خلال العقود الماضية من القرن السابق، وتحديداً في الستينيات والثمانينيات وحتى السبعينيات، على تضييق كبير طاول الكتلة المحافظة، في استمرار لممارسات طاولتهم منذ تأسيس الجمهورية، من حيث رفع الأذان بالتركية، ومنع مدارس الأئمة والخطباء، ومنع ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة وفي المدارس والجامعات، وهو ما ترك أثراً في هذه الكتلة.

 

من جهته، تمكن أردوغان من حلّ الكثير من المشاكل المرتبطة بالكتلة المحافظة، وأهمها مسألة الحجاب، ودفع حزب “العدالة والتنمية” ثمن ذلك مواجهات كبيرة مع القوى العلمانية والجيش، وصلت إلى درجة محاولة الانقلاب على أردوغان في عام 2016، إلا أن أردوغان استطاع التفوق على هذه المشاكل والتحديات جميعها. ويأتي استحقاق الانتخابات في 14 مايو ليشكل تحدياً كبيراً جديداً للرئيس التركي، مع تبدل الظروف الاقتصادية وعدم تمكنه من مكافحة غلاء الأسعار، حيث بات مهدداً بخسارة دعم هذه الكتلة رغم جهوده الكبيرة التي يبذلها الفريق الحاكم للتمسك بهم.

 

خطابات موجّه للمحافظين

 

وفي مسيرة الانتخابات التركية هذا العام، واصل أردوغان مخاطبة الشريحة المحافظة، وظلّ يذكرهم دائماً كيف أنه حسم مسألة الحجاب في تركيا، وسعى إلى تقديم تعديلات دستورية للبت في هذه المسألة نهائياً، إلا أن الزلازل التي ضربت جنوب تركيا في 6 فبراير/شباط الماضي، أفضت إلى تأجيل الأمر لما بعد الانتخابات.

 

 

ويذكّر أردوغان مؤيديه دائماً بأنه عمل على إعادة فتح جامع آيا صوفيا للعبادة في عام 2020، بعد 84 عاماً من تحوّل آيا صوفيا إلى متحف، أي منذ ما بعد تأسيس الجمهورية التركية. وفي هذا الإطار، ينشر الحزب الحاكم مشاهد دائمة من الجامع وإعلانات تُذكر بما أقدم عليه في وقت كانت بقية الأحزاب السياسية في البلاد تشكك في قدرة أردوغان على تنفيذ هذا الأمر.

 

آيا-صوفيا-اسطنبول

 

 

كما يتطرق أردوغان باستمرار إلى موضوع حماية العائلة مما يعتبرها “التيارات الشاذة” والمتحولين جنسياً، وهو أعلن لهذا الهدف في عام 2021 انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول لمنع العنف ضد المرأة (قالت الحكومة التركية إن الاتفاقية تقوض الروابط الأسرية وتروج للمثلية الجنسية)، وسعى إلى إدراج تعديلات دستورية في تنظيم وتعريف العائلة، بحيث يمنع زواج المثليين.

 

وبخلاف المواضيع الاقتصادية، فإن الكتلة المحافظة يبدو أنها لا تزال ترى في أردوغان الزعيم السياسي القادر على تحقيق تطلعاتها وحماية مكتسباتها، رغم أن توجهات الناخبين، وكيفية تصويت الكتلة المحافظة، سيبقى أمراً غير معروف حتى بدء فرز صناديق الاقتراع وظهور النتائج.

 

اقرأ أيضا : 

أثناء زيارة محمد بن زايد لتركيا .. تفاصيل الاتفاقيات الموقعة

وزير الصحة في تركيا يكشف عن خطر يتهدد أنقرة

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى