استعرض المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير له اليوم الخميس الأزمات المتعددة التي يعاني منها السودان وأثرها على حياة السودانيين.
وأبرز التقرير صعوبة الأوضاع المعيشية والإنسانية التي يعانيها السودانيون في ظل الفيضانات الأخيرة التي ضربت البلاد، وتفشي جائحة كورونا.
وجاء التقرير تحت عنوان “السودان.. سيل من الأزمات”، ونشره “الأورومتوسطي” عبر موقعه الإلكتروني.
وارتكز التقرير على شهادات لسودانيين تبيّن حجم الأزمات في شتى مناحي الحياة في البلد الأفريقي.
وخلّفت هذه الأزمات لفقر والتهميش والحاجة التي اشتدت منذ بداية العام 2019، وجعلت ملايين السودانيين يعيشون أوضاعاً إنسانية كارثية على جميع الأصعدة.
وأشار المرصد الحقوقي إلى أنّ السودان يُصنّف من ضمن أسوأ الدول عالميًا على صعيد التغذية والتعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية.
وأرجع ذلك إلى الصراعات والأوبئة والكوارث الطبيعية، إلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان، والحرمان من أبسط الحقوق المدنية.
وقال “الأورومتوسطي” إنّ الواقع الاقتصادي الصعب والذي يتسم بارتفاع معدلات التضخم أدى إلى تفاقم الفقر (وصلت نسبته إلى 65%)، وتفشي الأمراض والنزاعات بسبب الاحتياجات الإنسانية المتزايدة.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، بلغت معدلات التضخم 212% في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
وارتفع أيضًا متوسط سعر السلة الغذائية المحلية بنحو 200% مقارنةً بعام 2019.
كما أدّى تدهور قيمة الجنيه السوداني (حوالي 0.018 دولار أمريكي لكل جنيه السوداني) إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، التي تنفق حوالي 65% من دخلها على الغذاء.
وأبرز تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تواضع جهود الحكومة السودانية في معالجة آثار أزمة الفيضانات التي ضربت السودان مطلع شهر سبتمبر/أيلول من العام الحالي.
وأشار إلى أنّ هذه الفيضانات “صُنفت كإحدى أقوى الكوارث الطبيعية التي مرت بها البلاد منذ سنوات”.
وذكر أنّ تساقط الأمطار الغزيرة لفيضان نهر النيل خّلف أزمات إنسانية تأثرت بها 16 ولاية سودانية.
وأوقعت الفيضانات أكثر من 150 قتيلاً، ودمر أكثر من 82 ألف و500 منزل، و179 مرفقاً.
كما أثّرت بشكل متفاوت على حياة أكثر من 875 ألف سوداني، عدا عن الخسائر المادية والاقتصادية التي خلّفها للقطاعات الحيوية المهمة في البلاد.
وأورد التقرير شهادات عدة جمعها فريق البحث في “الأورومتوسطي” من سودانيين تضرروا من الفيضانات.
وقال المواطن السوداني “تاج الدين عبد الله”، وهو أحد الذين تأثروا بشكل مباشر من حدوث الفيضانات: “منذ اللحظات الأولى لحدوث الفيضان غمرت المياه منزلي بشكل كامل”.
وأضاف “كان لدخولها تأثير كبير على قواعد المنزل التي تضررت بشكل كبير، فأصبح جزء كبير من منزلي آيلًا للسقوط”.
وتابع “ورغم حجم الضرر الذي طال منزلي والمنازل المجاور إلا أننا لم نرَ أي تحرك حقيقي من الجهات الحكومية”.
كما استعرض إفادات أخرى جمعها فريق البحث كشفت ضعف المنظومة الصحية بالسودان.
وذكر وجود نقص الأدوية والمعدات والكوادر الطبية، وعدم إيلاء السلطات الاهتمام اللازم لتطوير القطاع الصحي.
وأشار التقرير إلى أنّ تفشي جائحة كورونا كشف الضعف الحكومي في التعامل مع الأزمة.
وقال إنّ القرارات غير الموفقة التي اتخذتها السلطات لمحاربة الفيروس والتي شملت إغلاق المستشفيات في وجه المرضى تسبّبت بوفاة العديد من المصابين بالفيروس بسبب عدم تلقيهم الرعاية الصحية اللازمة.
ونقل عن المواطن السوداني “عدنان بشير” إفادته: “توفيت شقيقتي بعدما رفضت كل المستشفيات استقبالها”.
وأوضح “ذهبنا في البداية إلى أحد المستشفيات، وفور اشتباه الأطباء بإصابة شقيقتي بفيروس كورونا، خافوا من انتقال العدوى إليهم، ورفضوا علاجها”.
وتابع “تم تعميم أسمائنا على كافة المستشفيات المتواجدة في المنطقة بأننا مصابين بفيروس كورونا لحظر استقبالنا، وعلى الرغم من محاولاتنا المتكررة لإيجاد مكان لشقيقتي داخل المستشفيات الحكومية إلا أنّنا كنّا نُمنع من الدخول رغم الحالة الصحة الصعبة التي وصلت إليها، لينتهي الأمر بوفاتها”.
وتناول تقرير “الأورومتوسطي” كذلك أزمات الخبز والدقيق، والوقود، وارتفاع الأسعار، والتعليم، والصادرات.
ولفت إلى ضرورة حضور دور حكومي فاعل للتغلب على تلك الأزمات.
كما لفت إلى توفير مستوى معيشة لائق للسكان الذين أنهكتهم الأزمات المتعددة في معظم مناحي الحياة.
وأكّد المستشار القانوني لدى المرصد الحقوقي “طارق اللواء” على مسؤولية السلطات السودانية في توفير حياة كريمة لمواطنيها.
وشدّد على ضرورة تركيز جهودها، وتسخير مواردها لتحسين حياة السودانيين، ودعم القطاعات الاقتصادية والخدمية في البلاد.
كما شدّد على ضرورة تنفيذ السودان لالتزاماته المحلية والدولية تجاه مواطنيه في هذا الإطار.
وأوصى تقرير الأورومتوسطي السلطات السودانية بالعمل على إيلاء قطاعي الصحة والتعليم الأولوية القصوى في أي برامج أو سياسات اقتصادية تنفذها الحكومة.
كما أوصاها بمكافحة الفساد في الإدارات العامة واعتماد الشفافية والمساءلة في العمل الحكومي.
وأوصى أيضًا بترشيد الإنفاق وتوجيهه نحو القطاعات الإنتاجية والصحية والتعليمية.
وكذلك أوصى بإنشاء شبكات دعم فعّالة لتأمين الاحتياجات الضرورية للأسر الأشد فقرًا في البلاد.
وحثّ التقرير السلطات على محاربة الاحتكار.
ودعا إلى فرض رقابة مشددة على الأسعار لمنع الاستغلال في السوق السوداء، وخصوصًا مطاحن الدقيق والسلع الرئيسية باعتبارها المواد اللازمة لعموم السودانيين.
اقرأ أيضًا |
فيضان النيل في السودان يغمر قرى كاملة
الرابط المختصر https://arabictrend.net/?p=9892