أخبارقضايا

تونس – صفاقس بداية رحلة الموت الجديدة

في مشهد مرعب يتكرر يوميا على ساحل صفاقس (تونس) – رائحة الموت في كل مكان، جثث المهاجرين الغرقى  ملقاة على الشاطئ تقلبها الأمواج وتكتظ المشرحة وردهات مستشفى المدينة بعشرات الجثث الأخرى في دليل واضح شديد القسوة على الزيادة غير المسبوقة في أعداد المهاجرين الأفارقة.

وفي مشاهد مثيرة للشفقة، تعود دوريات خفر السواحل إلى ميناء المدينة بأعداد هائلة من المهاجرين بعد اعتراضهم في البحر، في نهاية غير التي كانوا يتمنونها لأحلامهم بحياة أفضل في أوروبا.

يقول العميد بالحرس الوطني حسام الدين الجبابلي إن أعداد المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط ارتفعت بشكل عام، لكن عدد المغادرين من تونس زاد بشكل كبير وبلغ مستويات غير مسبوقة.

وأوقف خفر السواحل ما يزيد عن 17 ألف شخص في البحر في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023، مقارنة بحوالي 3000 فقط في نفس الفترة من عام 2022 أي بزيادة حوالي ستة أمثال.

قفزت الأرقام بعد حملة تستهدف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في فبراير شباط، والتي أعلنها الرئيس قيس سعيد مستخدما لهجة ندد بها الاتحاد الأفريقي ووصفها بالعنصرية. وتحدث الكثير من المهاجرين عن تعرضهم لهجمات عنصرية.

كان إبراهيم بوباي من ساحل العاج يصرخ بعد نقله على متن سفينة خفر السواحل مع زوجته وطفليه الرضيعين بعد توقيفهم قائلا “دعونا نذهب! رئيسكم طردنا والآن تمنعوننا من المغادرة.. اتركونا”.

أضاف إبراهيم وهو يغالب دموعه “لقد طُردنا من منزلنا، ورشق البعض منزلنا بالحجارة” مؤكدا أنه غادر تونس مضطرا.

وكرر عدة مهاجرين أفارقة آخرين التقت بهم رويترز تصريحات مماثلة بعد اعتراض قواربهم المتهالكة المكتظة في رحلات محفوفة بالمخاطر.

  • مطاردات يومية في البحر 

في غضون دقائق من صعود فريق رويترز على متن سفينة خفر السواحل 3505 قبالة سواحل صفاقس، لمح القبطان قاربا يحتمل أن يكون لمهاجرين على شاشة الرادار في مسار لجزيرة لامبيدوزا الإيطالية، الوجهة الرئيسية للمهاجرين. بسرعة طلب من زورقين سريعين الاتجاه للهدف ليتبين أنه مركب متهالك مكتظ بمهاجرين.

بعد أن أصبح القارب المكتظ بالمهاجرين في مجال الرؤية وسط الظلام، توسل مهاجرون، وبينهم أطفال، لخفر السواحل أن يتركوهم في طريقهم. وقد حاول آخرون المقاومة و الهرب.

وقد أظهرت بعض المشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي لمهاجرين يشتبكون مع خفر السواحل بالعصي وآخرين يلقون بقضبان معدنية على أفراد الدوريات فيما هدد البعض بإلقاء أنفسهم في البحر.

 

المركب المكتظ بمهاجرين سودانيين لم يتوقف وظلت مركبتان سريعتان لخفر السواحل تلاحقانه لما يزيد عن 30 دقيقة.. كان المهاجرون يصرخون من مركبهم “اتركونا نمر..السودان فيه حرب..السودان مدمر”.

لم يكن المركب يحمل سودانيين فقط.. بل كان على متنه مهاجرون سوريون أيضا.

يقول خفر السواحل إنهم لن يبقوا مكتوفي الأيدي في هذه المطادرة.. وبمجرد اقتراب زورقهم السريع من مركب المهاجرين أخذ رجل من خفر السواحل عصا طويلة ودمر محرك المركب لإيقافه تماما.

يقولون إنهم يضطرون لتدمير المحركات عندما لا يتوقف المهاجرون أو يرفضون الانصياع للأوامر.

  • رائحة الموت 

الجثث لم تكن مكدسة فقط في المستشفى، فشواطئ صفاقس تلفظ يوميا تقريبا أعدادا كبيرة من الجثث.

تقول قوات خفر السواحل إن ما يزيد عن ‭‭‭‭‭‭230‬‬‬‬‬‬ جثة انتشلت قبالة السواحل التونسية خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر أبريل نيسان وهو رقم غير مسبوق في مثل هذه الفترة الوجيزة.

تشير أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن حوالي 500 مهاجر لاقوا حتفهم أو مازالو مفقودين في حوادث غرق قبالة السواحل التونسية هذا العام وهو أمر لم يسبق حدوثه ويظهر بوضوح هول الكارثة.

وفي مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس اكتظ مركز الأموات فيه بما يزيد عن 200 جثة، معظمها خارج المشرحة الصغيرة مكدسة في أكياس على أرضيات الممر.

يشكو المرضى من الرائحة الكريهة. يقول أحد الممرضين “لم نشاهد أمرا مماثلا لهذا من قبل.. لم نعد قادرين على التحمل”.

وقال مدير الصحة الجهوي حاتم الشريف إن السلطات بصدد بناء مقبرة جديدة للمهاجرين، مضيفا “نحن ندفن العشرات كل يوم وهذا أمر لم يعد يطاق” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى